Menu

عقد المجلس المركزي يستهدف استكمال نهج السلطة الأوسلوي

عليان عليان

بوابة الهدف الإخبارية

من تابع  لقاءات قيادات السلطة مع  وزراء إسرائيليين، ومخرجات زيارة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح إلى دمشق وبيروت، إثر لقائه مع الفصائل الفلسطينية لتوجيه الدعوة إليها للمشاركة في اجتماع المجلس المركزي، يصل إلى نتيجة مؤداها: أن الحراك السياسي  للسلطة الفلسطينية ومخرجات جولة الرجوب إلى كل من دمشق وبيروت، تصبان في خدمة توظيف المجلس المركزي المزمع عقده في السادس من شهر سباط (فبراير) الجاري، لتمرير نهج رئيس السلطة في استمرار التفاوض مع الكيان الصهيوني وفي التكيف مع المطالب والاشتراطات الأمريكية، وبهذا الصدد نشير إلى المعطيات التالية:

أولاً: زيارة رئيس السلطة محمود عباس لوزير الحرب الإسرائيلي " بيني غانتس" في بيته، في تل أبيب في التاسع والعشرين من شهر ديسمبر (كانون أول) الماضي، لدراسة سبل منع اندلاع انتفاضة جديدة، وللطلب منه تخفيف اعتداءات المستوطنين التي تصب الزيت على نار المقاومة الشعبية، حيث تعهد رئيس السلطة في اللقاء بمواصلة التنسيق الأمني وتعزيزه.

وحصل رئيس السلطة في اللقاء على (33) مليون دولار من أموال الضرائب الفلسطينية إضافة إلى امتيازات أخرى، حيث اتخذت حكومة العدو سلسلة "تدابير لبناء الثقة" مع السلطة الفلسطينية، على غرار إعطاء 600 ترخيص إضافي، للسماح لرجال أعمال فلسطينيين بدخول إسرائيل وتسوية أوضاع ستة آلاف فلسطيني يقيمون في قطاع في الضفة الغربية يقع تحت السيطرة الإسرائيلية.

ثانياً: لقاء عضو لجنة فتح المركزية حسين الشيخ -وزير الشؤون المدنية - مع وزير الخارجية يائير لابيد في الثاني والعشرين من يناير (كانون ثاني) الماضي، والذي تركز البحث فيه على إعادة الحياة للمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وعلى الطلب من لابيد قبول لقائه مع رئيس السلطة محمود عباس.

ثالثاً: إعلاء رئيس السلطة من شأن "حسين الشيخ" المقبول إسرائيلياً، وحصوله على موافقة اللجنة المركزية لحركة فتح، بأن يكون الشيخ عضواً في اللجنة التنفيذية للمنظمة وأمين سرها، ما يؤهله حسب مصادر فتحاوية بأن يكون خليفة عباس في رئاسة السلطة والمنظمة، ومصادرة إمكانية حصول كل من مروان البرغوثي، ومحمود العالول- نائب رئيس حركة فتح- على موقع الرئاسة.

رابعاً: في لقاءات جبريل الرجوب – أمين سر حركة فتح- مع الفصائل الفلسطينية في دمشق في العاشر من يناير (كانون ثاني)، وفي تصريحاته الإعلامية، أكد أن الانتخابات هي السبيل إلى الحكم وبناء الشراكة الفلسطينية، وأن تحقيق الوحدة يقتضي انعقاد المجلس المركزي. تجاهل الرجوب حقيقة أن قيادة السلطة هي من أفشلت إجراء الانتخابات بذريعة أن سلطات الاحتلال رفضت السماح بإجرائها في القدس ، وتجاهل حقيقة أن عقد المجلس المركزي في غياب مكونين أساسين وهما: حركة حماس والجهاد الإسلامي، لا يسهم على الإطلاق في إنجاز الوحدة الوطنية.

كما تجاهل الرجوب حقيقة أن لا قيمة لقرارات المجلس المركزي، في ضوء نهج الهيمنة والتفرد، إذ سبق وأن اتخذ المجلس قرارات بوقف التنسيق الأمني وسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني، ولم يلتزم رئيس السلطة بها. ولم يفت الرجوب أن يصعد الموقف ضد "حماس" بأسلوب استعلائي بقوله: "الأخوة في حماس لا يوجد لديهم نضج كامل ووحدة موقف في مفهومهم لبناء الشراكة"، ملمحاً إلى أن إقامة حكومة وحدة وطنية تستدعي الموافقة على التزامات منظمة التحرير الفلسطينية التعاقدية بشأن المفاوضات والرباعية الدولية، من خلال دعوته لحركة حماس بالمشاركة في حكومة وحدة وطنية، ذات سقف سياسي له علاقة بالشرعية الدولية.

الفصائل التي التقاها الرجوب وهي "الجبهة الشعبية، الجبهة الشعبية- القيادة العامة، الصاعقة"، رفضت بشكل أولي المشاركة في اجتماع المجلس المركزي، قبل أن تحسم موقفها نهائياً برفض المشاركة فيه، وأكدت أن المجلس المركزي ليس الوسيلة الملائمة للحوار وإنجاز الوحدة، وأن المدخل الأولي في هذه المرحلة هو عقد اجتماع الأمناء العامين للفصائل، وتغيير النهج السياسي، وأن المدخل الرئيسي يكمن في إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات المجلس الوطني.

المعطيات سالفة الذكر، تكشف حقيقة توجهات قيادة المنظمة والسلطة من عقد اجتماع المجلس المركزي في هذا التوقيت وفي هذه المرحلة، بغض النظر عما جاء في جدول الأعمال، والذي تضمن حسب عزام الأحمد وواصل أبو يوسف، بحث العلاقتين مع أميركا و(إسرائيل)، وكذلك الانقسام وقضية تطوير وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير، ووضع استراتيجية لمواجهة الاستيطان، وانتخاب أعضاء آخرين للمجلس الوطني وأعضاء اللجنة التنفيذية ورئيس المجلس الوطني ونوابه وأمين سر المجلس، حيث استقال وتوفي بعضهم.

 لقد أدركت العديد من الفصائل الفلسطينية، في ضوء ما تقدم من معطيات، أن  جدول اجتماع  المجلس المركزي جدول  شكلي، ولا يعدو كونه محاولة مكشوفة لذر الرماد في العيون، وأن الهدف الجوهري من عقده، يتمثل في أن الرئيس محمود عباس، يريد  مشاركة الفصائل فيه لإعادة الاعتبار للسلطة الفلسطينية، التي  انكشف ظهرها جراء معركة سيف القدس وجراء انكشاف زيف مبرراتها بعدم إجراء الانتخابات هذا من جهة، ومن جهة أخرى لعقد صفقة مع الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية للحصول على دعم مادي من  واشنطن وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن مقابل تفعيل التنسيق الأمني مع الاحتلال.

وفي هذا السياق يسجل للجبهة الشعبية مقاطعتها لاجتماعات المجلس وفق حيثيات وطنية محددة، وأنها لم تكتف بالمقاطعة، بل قامت بطرح ورقة تبين رؤيتها لاستعادة الوحدة الوطنية ولإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على قاعدة إلغاء اتفاقيات أوسلو وإعادة بناء المنظمة ومؤسساتها على أسس ديمقراطية، واعتماد صيغة الأمناء العامين أو لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها إطاراً قيادياً مؤقتاً هي المرجعية السياسية المؤقتة لشعبنا تنهي حالة التفرد وتتجسد فيها الشراكة الوطنية في التقرير بالشأن الوطني وفي إدارة الصراع مع الاحتلال، وتشكيل مجلس وطني انتقالي بالتوافق لمدة عام، لحين انتخاب مجلس وطني جديد، تشارك فيه جميع القوى وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل، استناداً إلى ميثاق وطني واستراتيجية وطنية، والإفراج عن قرار إلغاء الانتخابات الديمقراطية الشاملة، وتشكيل حكومة فلسطينية موحدة محررة من اشتراطات الرباعية الدولية، وتشكيل قيادة وطنية موحدة لإدارة المقاومة الشعبية، بما في ذلك تحديد أشكال النضال الوطني الفلسطيني في هذه اللحظة، وصوغ برنامج نضالي ميداني يعزز من المقاومة الشعبية على غرار ما يجري في جبل صبيح وبيتا وبيت دجن والشيخ جراح وسلوان في القدس.

لقد أكدت الجبهة الشعبية في مقاطعتها لاجتماعات المجلس المركزي موقفها السابق، الرافض لأي خطوات تُعمق الانقسام وحالة الشرذمة في الساحة الفلسطينية وتُعزز من نهج التفرد والهيمنة في المؤسسة الوطنية، هذا (أولاً).   وأكدت (ثانياً) خطورة عقد هذا الاجتماع دون توافق، كونه يمثل تجاوزاً للتوافقات الوطنية السابقة لترتيب البيت الفلسطيني ولإجراء الانتخابات الشاملة، ويقطع الطريق أمام جهود إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، وهو ما يعمِّق الأزمة الداخلية الفلسطينية ومن حالة التيه القائمة التي يستثمرها الاحتلال بتصعيد اجراءاته التهويدية والاستيطانية على الأرض الفلسطينية، خصوصاً في القدس والضفة المحتلة.